رسائل المجموعة

ابوك احمر؟؟؟

المقال بقلم خالد شوقى

…كان الاستاذ محمد سالم مدرس اللغة العربية

ونحن في المرحلة الاعدادية رجل علامة عاشق اللغة

يقرض الشعر ويلقي موعظة الجمعة في مسجد الحي.

ولأننا كنا صغار فلم نقدر الرجل حق قدره، وكان

من عادته عندما يندمج من الشرح يغمض عينيه

فكنا ننتهز الفرصة ونتغامز ونتلامز ونضحك وكان

يوبخنا بسبب عدم رغبتنا في الاستفادة من علمه وخاصة

زميلنا محى .

فكلما طلب من محى القراءة في كتاب المطالعة تعثر

محى وتلعثم فينظر اليه الاستاذ محمد سالم ويقول:

اجلس ..ابوك احمر0

وكنا نضحك معتقدين ان ابو محى لونه احمر ولعل

المدرس يعرفه معرفه شخصية..وعندما انتقلنا للمرحلة

الثانوية وتوسعت مداركنا فهمنا معني عبارة ابوك

احمر التي كان يقولها المدرس لمحى..فالمعني الذي

يقصده الرجل هو ان محى حمار وأبوه أحمر منه وكنا

نضحك ونقول أين نجد الان الاستاذ محمد سالم لننتقم

منه علي تلك التورية المهينة.

وفي احدي الايام كنت اسير في وسط القاهرة فلمحت

الاستاذ محمد سالم بلحيته الحمراء المدببة يمسك

بيده عكازه مقمعه (اي لها قمع يحميها من الاحتكاك

بالارض) فأقتربت منه قائلا مرحبا يا سيدي فرد علي

الفور انت احد تلاميذي فقلت نعم انا خالد

– لقد درست لمئة خالد فأى خالد انت؟

– لقد صعبت المسألة..ما علينا المهم كيف حالك؟

– كما تري يا خالد لقد نالت مني الشيخوخة وهنت

صحتي وضعف بصري.

– متعك الله بالصحة والعافية يا سيدي .. أأستطيع

ان اقدم لك اي خدمة.

– اشكرك .. ابقي اتصل بي واسأل عني وهذا هو عنواني

وذهبت الي محى وقلت له لقد عثرت لك علي محمد سالم

مدرس اللغة العربية ومعي عنوانه.

واتفقنا ان نذهب للسؤال عنه ومعنا محى الذي اصبح

ضابط شرطة وندعي اننا حضرنا للقبض عليه.

وفي يوم الجمعة توجهنا للعنوان وطرقنا الباب

ففتحت لنا عجوز متشحة بالسواد وقلنا لقد جئنا

لزيارة الاستاذ محمد سالم فردت السيدة بهدوء

لقد غادر محمد افندى سالم الحياة منذ خمسة ايام

فقام كل منا بتقديم كلمات العزاء وجلسنا في صالون

البيت وغابت السيدة عنا دقائق وعادت ومعها مفكرة

زرقاء اللون.. وقالت هذه مفكرة المرحوم كان يدون

بها يومياته ووجدناه كتب فى اليوم الذى قابلته فيه

تلك الكلمات.

… خرجت اليوم للتنزه فى شوارع القاهرة فوجد
ازدحمت بالسيارات والناس فقررت العودة للبيت

وفى الطريق قابلنى شاب من تلاميذى زز قال ان أسمه

خالد وكان الولد يخاطبنى بأحترام شديد أحسست معه

ان الدنيا بخير .. واعطيته عنوانى لزيارتى وكم

اتمنى ان يأتى لأخبره ان الخلود لله الواحد القهار

ولا خلود لأحد غيره.

وخرجنا من منزل استاذنا ونحن فى حالة وجوم…

وحزن.. فقد اتينا لنقبض على محمد سالم فوجدنا

ملك الموت قد سبقنااليه.

رحمك الله يا سيدى بقدر ماعلمتنا وغرست فينا

حب اللغة وجزاك عنا خيرا.

تلاميذك الاحباء وعنهم

خالد شوقى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى