سفر و سياحة

إدارة الإستثمار السياحي‎

/

عند زيارتي للأماكن السياحية في مدينة (أتلانتا) في الولايات المتحدة الامريكية، ذُهلت من الإستغلال لكل معلم سياحي فيها, قد أقاموا تحفة فنية من جبل يبعد عن المدينة عدة أميال تجعل السائح يتقلب في نعيم تنوع الأنشطة, ثم أنشؤوا منتجع يقطن في سفحه, ونصبوا تلفريك يأخذك من أسفله إلى أعلاه, ومدينة ألعاب تقبع بين جنباته, هذه المنطقة فقط -والتي تعتبر جزءاً واحداً من مجموعة من الأماكن السياحية- تحتاج إلى يومين على الأقل حتى تتعرف عليها وتكتشف جميع ملامحها.

من خلال ذلك أدركتُ أننا بحاجة لإدارة استثمار في كل دائرة حكومية, تمتلك عقلية تجارية تطويرية؛ لأن الكثير يعتقد أن ميزانيات الدولة الضخمة التي تدفعها لتطوير الأماكن السياحية (الأثرية على سبيل المثال : مدائن صالح، قصر المصمك, قصر ابراهيم) مُخصصة لترميمها وجعلها صور تسرّ الناظر إليها من الخارج وهي خاوية على عروشها تفقد الإهتمام بما تحتويه بداخلها ، وكأنه لغز محيّر يحتاج لحل، وإن قرر المسؤل أن يأتي بجديد فتح المكان هذا مرة في السنة؛ لتقام فيه ( عرضة شعبية )! ويندر أن تجد مسؤل يذهب إلى ماهو أبعد من ذلك, أو يصنع ابتكار إضافي يُحسب لصالح دائرته، وكأن الدولة وضعت أمامه حاجز يحرّم عليه القفز بفكرة فوقه! .

لم لايُطوّر أموال الحكومة بتوظيفها في خلق أماكن سياحية جذابة تقدّم فرصاً وظيفية لشبابنا وعائدات نقدية جيّدة ، ماليزيا هي إحدى الدول التي اكتشفت أن السياحة أحد الموارد الإقتصادية المهمة, لذا زفت نفسها للعالم على أنها ابنةٌ بكر الكل يريد أن يخطب جمالها, ودبي تلك المدينة التي كانت صحراء قاحلة متطابقة تماماً مع بيئتنا, أثبتت أن العمل وحده هو من يصنع المستحيل, والنجاح يأتي بعد جهد متواصل لذا سهرت على نفسها لتسابق توقعات زوارها, وبذلت لتدهشهم سنة بعد سنة, وهذا لم يحدث من باب الصدفة, لأن خلق مناخ سياحي جذاب يحتاج إلى تكامل في البنية التحتية, من تجهيز المطارات ومداخل الدولة وغيرها من الأمور التي تعتبر بمثابة الأنطباع الأول للسائح عن هذه البلد.

فنحن نملك أماكن سياحية أفضل بكثير مما رأيته في أتلانتا , وهبنا الله إياها في هذا الوطن, فتنوع تضاريس المملكة يخلق من سياحتها لوحة فريدة مميزة, البحر يحيط بها من شرقها وغربها, والجبال شامخة في جنوبها, والصحراء مترامية في نفوذها, والنخيل باسطة في واحاتها, هذه التوليفة ذات العقد الجميل, تستحق أن تُمنح العناية.

لكننا قبل هذا نحتاج لتنسيق جادٍ بين الجهات المسؤولة, الغرف التجارية تستقطب المستثمرين, والجامعات تقدم الدراسات والإستشارات, والبلديات تعرض الفرص, والهيئة العامة للسياحة والأثار تدعم وتشجع,بهذا الفكر الإستثماري التعاوني الذي ينطلق من مصلحة الوطن لا مصلحة تأدية الواجب بأقل درجاته, نستطيع أن نقدم منتج سياحي مميز, وإضافة رائعة.

عبدالرحمن بن عادل الهذلول
@Alhathlool86

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى