رسائل المجموعة

أريد عروثة !!

هي إحدى ثلاث من بين شقيقاتها.(منال) تملأ مدرستها الابتدائية حبوراً.ولا تكاد الابتسامة تغادر محياها،فكل ابتسامة تطلقها تتحول إلى براءة عجيبة!

وبرغم أنها قد خلعت أسنانها اللبنية،إلا أن كل ما فيها يكاد يتحدث ! حركاتها، قفشاتها ومطالبتها الدائمة لتكون عريفة في الفصل وأثناء الفسحة وبعد انصراف الطالبات وانتظار الباقيات لسياراتهن !

هذه الصغيرة تعاني من ظروف أسرية غاية في الصعوبة،فوالدها عطوف وكريم النفس،بَيْدَ أنه يشكو من ضائقة الفقر.وهذا الزائر الثقيل يكسر ظهر الرجل عندما لا يستطيع تحقيق مطالب أسرته!

حين ترى تلك الطفلة كالفراشة في المدرسة تغريك لتداعب طفولتها،حتى تبتسم، فتظهر لثتها الوردية دون أسنان.وحين تـزيد إحدى معلماتها دغدغتها تغرق في الضحك،وتدمع عيناها من فرطه،وتقاوم بالكلام عبر لغةٍ عجيبة تقلب فيها الحروف والعبارات بشكلٍ كوميدي غاية في الروعة!

جرى حوار لطيف بينها وبين معلمتها بغرض التعرف على احتياجاتها الشخصية من ملابس وأحذية وبعض الدفاتر والأقلام الملونة أو طعام الإفطار.قاطعتها الصغيرة بكل براءة:لا،لا أريد .. لدي كل هذا ( أريد عروثة ) !!

انتبهت المعلمة فجأة،وتذكرت أنها ليست أمام إنسان له مطالبه المادية، بل أمام طفلة لديها رغباتٍ معنوية.إنها تريد أن تمارس طفولتها كما غيرها من الأطفال قبل أن يفوتها قطار الطفولة فتضطر لركوب قطار الشباب إن استطاعت اللحاق به أو انتظرها ! فالقطار لا يحب الفقراء دون تذاكر ولا يسمح لهم بركوب مقاعده المهترئة!!

أدركت المعلمة لماذا تريد تلك الطفلة بعينها أن تكون عريفة! لأن العرافة والزعامة غالباً للأقوياء ومن لهم حظوة اجتماعية،كما هي عادة المراكز والمناصب التي تبحث غالباً عن أولاد الذوات،بينما اللاهثون وراء معيشتهم قليلاً ما يتوقف قطار المناصب ليقلهم نحو المجد !

ترى هل تذكرنا قط مطالب أطفال الفقراء المعنوية؟!أم أننا نوجه جل اهتمامنا لسد جوعهم وكسوة أجسادهم دونما تفكير بإرضاء رغباتهم النفسية وتحقيق مطالبهم المعنوية؟!

فمتى ندرك أن للفقير مطالب بسيطة ومهمة وهو بأشد الحاجة لها ، وغير متكررة كالأكل والشرب والكساء؟

هل لأننا نستكثر عليهم الفرح فنعمد فقط إلى سدِّ أفواههم بالطعام،أم أن المرح حكرٌ على أبناء الأغنياء دون غيرهم؟!

أرجوكم،أسعدوا الفقراء،خذوهم مع أولادكم إلى مدن الألعاب،دعوهم يزورون مطعماً محترماً وادفعوا حسابهم.اشتروا لبنات الفقراء دمى وعرائس !

عروسة؟! ما أبسط مطالبك يا منال،فقط عروسة! هل تريدينها ناطقة أم تفضلينها صامتة؟! أم تختارين عروسة تضحك وتغرق في الضحك لتسعدك؟!

أسعد الله قلبك أيتها الصغيرة،كما أسعدت قلبي،وأنار طريقك كما أضأتِ طريقاً كان في فؤادي مظلماً!!

الموقع الرسمي للكاتبة :www.rogaia.net

rogaia143@hotmail.Com

مقالات ذات صلة

‫12 تعليقات

  1. جميل أن يكون بيننا من يمتلك مثل هذا الاحساس، والمقدره على الشعور بالاخر والترفع عن الانا وحب الذات، ما احوجنا إلى دعوة صادقة للتكافل الإجتماعي ومشاركة الأخرين,,, فهذا ديننا وهكذا يجب أن نكون،،، جزاك الله خير

  2. اسعدني أنضمامك أ.رقية للكتاب بقروب أبو نواف,وكم أنتي من شخصية رائعة على صعيد الكتابة الصحفية وعلى الصعيد الشخصي. بالنسبة لموضوعك فعلاً أنتي طرحتي تساؤل لم يخطر على بالي من قبل,ربما في المرات القادمة نتدارك مافاتنا فيما مضى. وفقكي الله لما يحب ويرضى ,وبانتظار جديدك

  3. في البداية سعيدين برؤية اسمك ضمن كتّاب مجموعة أبو نواف ثانياً ماتطرقتي له غافلين عنه الكثير من الناس ومن اهل الخير ايضاً وكما تفضلتي اشغلهم سد جوعهم عن سد حاجاتهم المعنوية أثّر فيَّ ما كتبتي ، الله لا يحرمك الأجر وينفع بك اكرر الترحيب بك أ. رقيّة

  4. السلام عليكم نحمد الله على وجود كاتبة من أمثال الأستاذة الفاضلة رقية الهويريني ممن يتحدث عن هموم المجتمع لا عن أحلام لا تناسبنا .

  5. يعلم الله مقدار فرحتي برؤية اسمك ذا النهة المميزة في هذا القروب الغالي كمات رائعة تنم عن شعور راقي ننتظر إبداعاتك ع أحر من الجمر &%×,×’%&

  6. والله موضوع يقطع القلب… شيء مؤلم اننا نتجاهل طلبات الفقراء…لا سيما ان كانوا كرماء أنفس… بانتظار ماشركاتك…مقال في غاية الروعة…وميزته انه ما فيه طول وزياده…مقال بسيط…شكرا لك ثانية

  7. مقالة مؤثرة جداً أبكت قلبي قبل عيني . فعلاً الفقر يكسر ظهور الرجال . وهذه الطفلة الصغيرة عندما تطلب عروسة أو كما تنطقها ( عروثة ) فهي تطلب حقاً مشروعاً نحن مطالبون بتأمينه لها. فأين التكافل الاجتماعي ؟ وأين أهل الخير؟ هل يتوقف دورهم عند تأمين المأكل والمشرب فقط ؟ تتساءلين يا عزيزتي ( هل تذكرنا قط مطالب أطفال الفقراء المعنوية ؟ ) أجيبك إن أغلب الناس لا يتذكرون مطالب الفقراء كباراً وصغاراً سواء المادية أو المعنوية ! لأنهم يلهثون وراء تحقيق مطالب أبنائهم الكمالية ، ويتجاهلون غيرهم!! أتمنى إنشاء رابطة لمعرفة الاحتياجات المعنوية لأطفال الفقراء الذين ليس لهم ذنب سوى أنهم ولدوا لوالدين فقيرين ، ومن ثم توفير هذه الاحتياجات بقدر الإمكان ، وبذلك نضيء مشاعل الفرح والسرور في حياتهم ، ونشعل قناديل الأنس و السعادة في حياتنا ! شكراً جزيلاً عزيزتي على تذكيرك لنا لإسعاد الفقراء وجعل ما تكتبين في موازين أعمالك .

  8. جميلا هو شعورك….. ورائعة هي كلماتك …….. سعدت جدا لأنضمامك للقروب لننهل المزيد من كتاباتك. فجزاك الله خيرا ونفع بقلمك الامه.

  9. الله يكثر من امثاالك وما يقول الكلام هذا الا انسان يحس بمعاناه غيره قبل شوي شفت موضوع عن البائعات المتجولات وضايقني على الي يحاول يقطع ارزاق الناس والحين شفت موضوعك الي يثلج الصدر ونحس انه في نااس تفكر بالمجتمع ونظرتها ايجابيه مو انانيه على فكره اسلوبك خطييير في السررد بالتوفيق يارب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى