مقالات

هو أم فعله‎

من جماليات الإسلام
أننا لا نكره ذات المخطئ بل نكره فعله
ولذلك ورد في القرآن الكريم
( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )
انظر إلى قوله تعالى أحببت
حيث أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص المخطئ وتمنى له الهداية
وهذا الذي غرسه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في نفوس أصحابه وأمته
فقد ذكر الإمام محمد الكاندهلوي في كتابه (حياة الصحابة) ماجاء في بغض الذنب لا المذنب
وذكر قصة أبي الدرداء رضي الله عنه كيف أنه مرّ على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه
فقال:أرايتم لو وجدتموه في قليب ( بئر ) ألم تكونوا مستخرجيه؟
قالوا:بلى
قال:فلا تسبوا أخاكم , واحمدوا الله الذي عافاكم
قالوا:أفلا تبغضه؟
قال:إنما أُبغض عمله , فإذا تركه فهو أخي
وذكر آيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:
إذا رأيتم أخاكم قارف ذنبا فلاتكونوا أعوانا للشيطان عليه ؛ تقولوا:اللهم اخزه , اللهم العنه , ولكن سلوا الله العافية
فإنّا أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم كنا لانقول في أحد شيئا حتى نعلم علام يموت
فإن ختم له بخير علمنا أنه قد أصاب خيرا , وإن ختم له بشر خفنا عليه.
فاستخرجوا من المساؤى المحاسن واتبعوا السيئة الحسنة لتمحوها
إننا بكراهيتنا لذات المخطئ نغطي مساحة الهداية من الوجود التي كنا نريدها
ولا تتحقق إلا في ذات المخطئ لكننا إن أحببنا ذاته صار أمامنا هدفا منشودا ومعنى واضحا ومساحة كافية ليمد يده فنصافحه.
بتركيزنا على ذات المخطئ ومحبتها سوف يكون لدينا مساحة كافية جدا
لزرع شجرة أو حياكة ثوب أو إماطة أذى أو صنع معلم أو مخترع ومهندس أو دكتور
وسوف يكون لدينا سارق وعاق لوالديه ومفسد إن نظرنا إلى ذاته بالكراهية
بنظرنا إلى ذات المخطئ بالحب تعزيز لنقاط القوة لديه الأمر الذي سـيبني العائلة فالمدرسة فالمؤسسة فالدولة
أننا بتركيزنا على نقاط الضعف وتجاهل نقاط القوة نصنع إنسانا عاديا ضاع عمره لتتساوى نقاط ضعفه مع قوته
لكننا إن ركزنا على نقاط القوة صنعنا إنسانا فذا غير عادي في مهارته, ونقاط ضعفه ستقوى مع الوقت لا محالة
إنني بكل تأكيد ما أحب قوله هو:
أن الشمس التي تلسعنا بحرارتها في الصيف هي ذاتها الشمس التي نتمنها في الشتاء.
في الغرب يحاول كبار السن والعقلاء أن لا يوجهوا الطفل إلى أي آثار عنف أو كراهية
وإذا تعرض لشيء من ذلك أخذوا معه جلسات علاجية مكثفة لتمحى الصورة التي خزنها في ذاكرته
يريدونهم أن يكونوا رسل محبة وسلام ينفعون الناس والبشرية ويخدمون أوطانهم ويبلغون رسالتها لسائر الأوطان
ونحن للأسف يخزن الكبار منا عوائد حقدهم وكراهيتهم في نفوس الصغار.
الطفل: بابا أنا لا أحب هذا انظر ماذا يفعل؟!
الأب:لا يا ولدي فعله غلط لكن هو طيب
انظر يا ولدي انه هو
( الطبيب الذي يعالجنا – المهندس الذي اخترع لنا – المنظف الذي يقم لنا – الحايك الذي يخيط لنا )
حوار ما أروعه وما أبهاه ستظل شمس الحب والسعادة مشرقة به علينا

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى