ملحمة الزير سالم

بسم الله توكلنا على الله

حرب البسوس

لم يكن مسلسل "الزير سالم" الذي عرض في رمضان العام قبل الماضي مجرد مسلسل عابر ،، فالعمل الذي بذل في هذا المسلسل كان خارق للعاده ..

فرغم حداثة التجربه للمخرج حاتم علي الا انه نجح كثيراً في توظيف الادوار الى من يستحقها .. فالذي قام بدور كليب هو ممثل مسرحي لبناني مغمور بعض الشي " رفيق احمد " ومع ذلك كان اداءه للدور اكثر من مميز ..
اما "سلوم حداد" الذي قام بدور الزير سالم فلا جديد فهو عودنا على الابداع في الادوار التي يقوم بها ..
اما الممثل " عابد فهد " فقد قام بدور جساس وهو دور مساند للبطوله ولم يكن هذا الدور سهلاً ابداً .. ومع ذلك نال "عابد فهد" اعجاب الناس بل استطاع ان يرجح الكفه الى صالحه في بعض الحلقات ..
اما النجم " زهير عبدالكريم " فقد قام بدور "همام" وهي الشخصيه المحبوبه تقريباً لانه ليس لها تلك التناقضات او التصرفات التي تحدث من كليب والزير وجساس .. فالكثير تعاطفوا مع همام ومن اسباب ذلك هو ابداع "زهير" بهذا الدور ..
" جهاد سعد " قام بدور " امريء القيس " ونجح كثيراً في إستنساخ الشخصيه ..

" خالد تاجا " قام بدور " الحارث ابن عباد " وتميز كثيراً في دوره رغم صعوبة هذا الدور لانه يجمع بين دور العجوز العطوف على ابنه ودور الفارس القوي الذي لايغلب ..

"فرح بسيسو " التي قامت بدور " الجليله " ابدعت في تقمص الشخصيه رغم المراحل الانتقاليه التي يمر بها الدور ..
"سلوى خطاب " "بسام كوسا" والكثير من الممثلين ابدعوا في المسلسل رغم حداثة تجربة بعض الممثلين ..

بعد نهاية المسلسل شن النقاد حملة شرسه على الكاتب ( ممدوح عدوان) لأعتقاد البعض ان الروايه فيها مغالطات كثيره لبعض الروايات المنقوله ..
ومنهم من استنكر هذا المسلسل لانه ينقل حادثة مخجله من حوادث العرب .
انا سأكرز على نقطة الروايات .. للمعلوميه يوجد لقصة "حرب البسوس" حوالي 40 راويه تقريباً تختلف فيما بينها ..
ولعل اكثر الاختلاف يدور حول وفاة الزير سالم !!
فبعض الروايات يؤكد على ان الزير سالم مات عطشاً عند " عمرو بن مالك"
((فلما سمع عمرو ذلك غاظه وقال: لا جرم إن الله على نذراً، إن شرب عندي قطرة ماء ولا خمر حتى يورد الخضير – أي لا يشرب شيئاً قبل خمسة أيام -، فقال له أناس من قومه: بئس ما حلفت ! فبعثوا الخيول في طلب البعير فأتوا به بعد ثلاث أيام، وكان المهلهل مات عطشاً)).

وبعضها يؤكد ان الزير قتل على يد العبدان وهذه الروايه هي التي رجحها "ممدوح عدوان " وختم المسلسل فيها .
((وكان العبدان قد تعبا من مشقة الطريق وهما يلاقيان من التعب أشد الضيق فصمما على قتله وأعدامه بالكليه وانما يقولان لاهله قد ادركته المنيه فعرف الزير منهما فقال قد دنى همامي وليس الا القبر امامي فإذا ادركتني منيتي اريد منكما ان تبلغا اهلي وصيتي قالا وماهي وصيتك فعاهدهما على حفظها وتأييدها فحلفا له بأعظم الاقسام بأنهما يبلغونها بالكمال والتمام فقال اذا وصلتم الحي فاقريا أهلي من السلام وانشدوهم هذا البيت وقولا لهم اني في القبر قد أختبيت )). ((– شفتو وشلون تدهور الروايات ))

وقد يكون اختيار "ممدوح عدوان " لهذه الروايه لانها الاكثر اثاره !!

هناك من يقول ان قصة العبدان حدثت بالفعل ولكن ليس للزير سالم بل الا شخص يدعى " المهلهل " ( ولعل تشابه الاسماء له دور باللغط الحاصل)) وان الابيات ليست كما قيلت في رواية الزير سالم بل هي :
من مبلغ " البنتين " ان مهللاً امسى قتيلاً بالفلاة مجندلاً
لان قصة " المهلهل " ان العبدان ذهبا الى بنات المهلهل الاثنتين ؟؟
اما الزير سالم فالابيات قيلت هكذا :
من مبلغ " الاقوام " ان مهللاً امسى قتيلاً بالفلاة مجندلاً
ولاحظ التغيير في كلمة البنتين الى الاقوام !!
ويصل اختلاف الروايات الى درجة ان بعضها لم يذكر ان الزير قتل جبير ابن الحارث والتي جنت اليمامه من اجله !!
بل على العكس بعضها يقول ان اليمامه كانت من اذكى بنات العرب ؟؟
وراوية " ممدوح عدوان " جعلت من اليمامه مجرد مجنونه تردد ابيات غير مفهومه !!
((فلما سمع الجرو هذا استغربه حيث لامعنى له فاستدعى بأخته اليمامه وكانت من ((اذكى نساء العرب)) وعلمها عمها وانشدها ذلك البيت فلطمت على وجهها وبكت قالت ان عمي لايقول ابيات ناقصه))

والشي المذهل في احد الروايات ان الزير سالم عندما فقد ذاكرته وسكن عند احد الاقوام لم تكن هذه الاقوام الا يهود !! وقد حارب معها ضد المسيحين ؟؟

((فتقدم الارض قتيلا وفي دمه جديلا فعند ذلك ضجت طوائف اليهود ولما رأوا أميرهم مفقود فاستغاثوا بالتوراة والتلمود فالتقاهم برجيس كالنمرود وقتل منهم كل فارس معدود وكان المهلهل يقاتل من بعيد الفرسان الصناديد ويمددها على وجه الصعيد فلما رأى طوائف اليهود متأخرة بعد ان كانت ظافرة وهم يصيحون ويندبون على فقد صهيون فلما عرف بالظن الطويه أخذته الغيرة والحميه فقصد الملك برجيس الى ذلك المكان وفي الطريق التقى بأخيه سمعان وهو ينخى الابطال والفرسان فهجم عليه هجمه الاسد وضربه بالسيف المهند القاه على وجه الارض يختبط بعضه ببعض فلما قتل الامير سمعان ((حمل جيش النصارى على الزير)) من كل مكان عند ذلك دقت النواقيس وحمل أيضا برجيس وتبعه كل أسقف وقسيس .
((( ولما رأت اليهود أفعال المهلهل أيقنت ببلوغ الامل ))) ))
(( هذه الروايه هي الاكثر غرابه ‍‍!! ))

هذا المقطع مرر بدهاء في المسلسل فلم يذكر انهم يهود .. بل كانت المشاهد سريعه لم تكن الا تأدية واجب فقط !!

بشكل عام كانت الروايه المعمول بها بالمسلسل هي الافضل ومن غير المعقول طرح جميع ماحصل في القصه لان ذلك سيجعل المسلسل يتكون من الفين حلقه .. (( يعني الى الحين ماقضى ))
بشكل عام وفق فريق العمل ابتداء بالمخرج وانتهاء بأصغر ممثل ولم يكن يعيب المسلسل أي شيء ماعدا بعض الامور البسيطه التي لا تضر بمسار القصه .