رسائل المجموعة

مايكروسوفت.. مغناطيس كراهية

هشام سليمان: "ماذا تفعل إذا حُبست في مصعد مع تيموثى ماكفاي وصدام حسين وبيل جيتس، وليس معك إلا رصاصتان فقط في المسدس؟ أطلق النار مرتين على بيل جيتس حتى تتأكد من موته".. هذه نكتة واحدة منشورة على صفحة واحدة طويلة من صفحات موقع واحد من بين عشرات المواقع على الإنترنت؛ لا هم لها إلا التنكيت على بيل جيتس وتبكيته، وكشف مساوئ مايكروسوفت وفضحها، ناهيك عن كتب مفردة لذلك، ومقالات لا نهاية لها، وصور ساخرة، وكارتون – بعضه قبيح… إلخ.
لماذا؟ وما الذي حشر رئيس ومؤسس أكبر شركة برامج حاسبات بين هذين الشريرين، وهو المحسن الكبير الذي يتبرع بملايين الدولارات -وأحيانا بالمليار- للأعمال الخيرية؟ الرد جاهز.. "جيتس ما هو إلا شيطان متنكر".

مايكروسوفت..
طابور من المتضررين

من هؤلاء؟ إنهم طابور طويل من التقنيين والمبرمجين وأصحاب شركات الكمبيوتر بأحجامها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، والأهم أن الكثير منهم من المستخدمين العاديين للكمبيوتر، وكلهم متضررون من بيل وشركته، وإن كان صراخ هؤلاء يملأ باحات الإنترنت وصفحات الجرائد والمجلات والكتب ضجيجا، فإن حرارة ساحات المحاكم تلتهب من كثرة القضايا المرفوعة ضد الثنائي "جيتس – مايكروسوفت"..

مايكروسوفت..
فقط ادخل على شبكة المعلومات العالمية لتجد مثلا موضوعات تحمل عنواين كـ أكره بيل جيتس، حملة مقاطعة مايكروسوفت، أكره ويندوز 2000، لا رحمة لمايكروسوفت، الحلقة الدولية لمناهضة مايكروسوفت…
تذكر كم مرة اخترقت ملايين الحاسبات، وأتلفت مليارات الوثائق والملفات من عليها منذ عام 2000 فقط، بسبب خروقات الهاكرز، وتسلل الفيروسات بأنواعها المختلفة إلى الأجهزة التي تستخدم برامج ونظم مايكروسوفت طبعا تستهدف الشركة العملاقة وحدها مع سبق الإصرار والترصد.
مايكروسوفت..

لعل الحقد والغيرة من أنجح رئيس مجلس إدارة مؤسسة، وحسد أغنى ملياردير في العالم هي الدوافع وراء هذه الحملات الشرسة.. يقولون: لا، ربما كان هذا الرجل عبقريا في التسويق "اللاأخلاقي"؛ لذلك اشتقوا له شخصية بيلجاتس أوف بورج من مسلسل الخيال العلمي "ستار ترك" الأمريكي الشهير، أو رئيس البورج؛ تلك الكائنات الفضائية الشريرة التي لا تكل لتحويل كل البشر إلى مسوخ نصف بشرية ونصف آلية تخضع لسيطرتهم وإرادتهم وتسعى لذلك، وهو إسقاط يجسد الممارسات التسويقية الاحتكارية التي تُخضع بها مايكروسوفت سوق البرامج لها.
هذه الممارسات هي التي أدت مثلا للسيطرة على سوق البرامج في العالم؛ لدرجة أن 95% من برامج الحاسبات المكتبية تخضع لمايكروسوفت وحدها، كما أتخمت المحاكم بأضابير القضايا المرفوعة ضدها وبملفاتها الطوال العراض.
ثم يكيلون قائمة من الاتهامات له ولشركته طويلة طويلة، ويؤكدون -للأسف- أن أسبابهم موضوعية، وأبعد ما تكون عن دوافع شخصية أو تنافسية غير شريفة.
وبقدر ما تغرينا الحقائق المجهولة عن الشركة للخوض في نشرها -طبعا من وجهة نظرهم- تدعونا الأجواء التي خلفها انتشار دودة "إم إس بلاستر" على دنيا الكمبيوتر والإنترنت حاليا لكشف ثغرات ومساوئ برامج ونظم مايكروسوفت وعورات اعترفت بها الشركة نفسها؛ باعتبار أن الدودة استغلت إحدى تلك الثغرات.
أسباب الكره.. عديدة
مايكروسوفت..

دعونا نلقي نظرة على بعض ما يأخذه هؤلاء الناقمون على مايكروسوفت وبرامجها، بداية من وجهة نظر الكثير من المستخدمين؛ باعتبارنا محسوبين عليهم في نهاية المطاف:
الانتفاخ: فبرامج مايكروسوفت تشبه انفجارا نوويا كعش الغراب، وما تفتأ الشركة تطرح دوما برامج جديدة تتطلب مساحة أوسع على القرص الصلب وأجهزة ذات قدرات كبرى، ربما كان ذلك راجعا لإضافة سمات جديدة، هذا بالطبع صحيح، لكنه وجه واحد من أوجه الحقيقة المتعددة، وهناك تناول جيد لـ CNN يوضح مساوئ هذه العملية، أهمها بإيجاز أنك لا تحصل على دعم فني إذا لم تكن مواكبا، والأسوأ أن البرامج القديمة لا تتوافق غالبا مع الجديد منها؛ وهذا يحرم المستخدم التواصل مع غيره، وقد اكتشف في جدل تقني أن أحد برامج مايكروسوفت أكبر 2000 مرة؛ مما ينبغي أن يكون، ويكفي أن يعرف البعض أن نظام التشغيل "لينوكس" -على سبيل المثال- يعمل بكفاءة وامتياز على أجهزة 486، لكنها تعد من مخلفات العصر الحجري الكمبيوتري بالنسبة لبرامج مايكروسوفت.
لا توافقية القديم والحديث: يساهم انعدام التوافق البرامجي الذي تتعمده مايكروسوفت في خدمة هدف الشركة لوضع زبائنها في دائرة مفرغة من "التحديثات"، وما إن تتبن مجموعة صغيرة من عملاء الشركة الأمريكية نسخة ما من برنامج معين حتى تقوم الأخيرة بفرضه على كافة المستخدمين؛ بحيث يضطرون لاستجلاب تحديثه من على الشبكة -طبعا بمقابل- لكن الأنكى ما حدث مثلا في نسختي وورد 97 و95؛ إذ لا يتوافق الإصدار القديم والحديث، وكأن هذا لن يؤثر على الملفات القديمة.
الارتقاء المستمر: دائما وأبدا هناك مقابل للتحديثات Upgrades التي تدشنها مايكروسوفت، وهذا في نظر منتقديها يشجعها على طرح منتجات معيبة، وذلك ما حدث عند طرح الإصدار 98 من ويندوز، الذي كان في الأصل ترميما للإصدار 95 المعيب، ناهيك عن بعض التكاليف المستترة؛ فعلى سبيل المثال: نظرا لاضطرار الشركات التي تطرح برامج تعمل من خلال ويندوز لطرح نسخ تتوافق مع الجديد؛ فإن ذلك يتطلب تكاليف مضافة يتحملها المستهلك، وفضلا عن مشاكل أخرى ناشئة لمجرد اتخاذ شركة ما القرار بترقية منتجاتها لموافقة منتج جديد لمايكروسوفت؛ فإن الدعم الفني الذي تقدمه الشركتان مثلا يكبده أيضا مبالغ كان هو في غنى عن دفعها.
العيوب: عيوب لا حصر لها دائما في منتجات وبرامج مايكروسوفت؛ فتلف الأجهزة وانهيار النظم، غالبا ما يظن المستخدمون أنها بسبب أعطال وعيوب في العتاد، أو أنها بمنأى عن كون تلك البرامج منشأها وأسها، ولا يدركون أن هناك بدائل أخرى مسببة لها أولها مايكروسوفت نفسها، ويمثل نظام ويندوز لمديري النظم كابوسا حقيقا فيما يخص مسألة إبقائه عاملا بشكل سلس دون مشاكل.
انعدام الأمن: كما يقول العرب قديما "اتسع الخرق على الراقع"، فحديث الثغرات الذي سبقت الإشارة إليه، وما أحسه المستخدمون وخبروه من أن أجهزتهم أصبحت بعد سلسلة الفضائح المدوية للخروق والتسللات التي تمت عن طريق ثغرات البريد الإلكتروني، و"ويندوز إن تي"، وإكسبلورر.. لا يحتاج لمزيد تحذير؛ لذلك يختصر التقنيون الطريق، ويوصون عملاء مايكروسوفت بعدم وضع ملفات وبيانات خاصة أو حساسة على أجهزتهم، ولا سبيل لحمايتها غير ذلك، ما داموا مصرين أو مضطرين لاستخدام برامجها.
برامج دنيئة: ويعني الناقمون بذلك أن ما تروج له مايكروسوفت بأن منتجاتها الأكفأ في سوق البرامج -وهذا ما يعتقده كثير من المستخدمين- غير صحيح، بل لعل الكثير منهم عدل عن رأيه هذا بعدما قارن متصفح "نت سكيب" مثلا الذي قتلته مايكروسوفت عن عمد، ومتصفح إكسبلورر، أما التقنيون فهم يدركون هذه الحقيقة جيدا.
هذا غيض من فيض، وما زالت المآخذ كثيرة، تقنيا وتسويقيا وأمنيا.. ولم ينته الحديث، فقط هذه طاقة فتحت، ونافذة نأمل أن نطل من خلالها على باقي السلبيات التي يأتي ذكرها مع مايكروسوفت، يحدونا في ذلك أن يعلم المستخدمون ما خفي عنهم، حتى نختار برامجنا على بينة.

المصدر : اسلام اون لاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى