رسائل المجموعة

قصة حب :: 9+10+11::

الفصل التاسع
 
لم بعد للحزن أي مكان بقلب عدي .. الحياة بدت كما لم تكن …. بل لم تكن هكذا الحياة .. الضحكات أشبه بالأجراس الرنانة … الضحكات أعياد المحبين … لا اقل ولا اكثر .. عائشة كانت هذه الأعياد .. وتلك الأجراس الرنانة .. وتلك الضحكات الشقية … وتلك اللمحات العذبة … آآآآآآآه لو أن الحياة تبقى كما هي … هو وهي لا أحد معهما… كم سيكون جميلا !!
 
عند النبع .. كان ملقياهما يجتمعان بأول بوادر الصباح الباكر بعد صلاة الفجر … يتسامران ويتحادثان ويتبادلان الغرام والنظرات العاشقة دون خجل أو خوف .. كيف تخاف؟؟ فبعد ذلك الفجر لم يعد هنالك المزيد من الأسرار الخفية .. ولم يعد عدي ذلك القلق المتواري عن الأنظار .. يسير مرتعدا وعاقد الحاجبين .. لم يعد هنالك ما يشغل دماغه ولا تفكيره سوى سعادتهما ومواظبته على اللقاءات السرية..
 
اخترق صوتها سكون النوم اللذيذ الذي كان بنعم به، منادية باسمه، فتح عينيه بهدوء تام و أدار رأسها ناحية وجهها .. كانت ساهمة ناحية هضبة بعيدة مكلل بالأعشاب ومن يراه يحسبه جنةً غناء …
 
رفع جسده المثقل بالنعاس والخمول وعينيه مازالتا على تلك البقعة … انتبهت عائشة لثقله الذي انزاح عنها ونظرت إليه بإشراق: كم هو جميل المنظر، أليس كذلك؟ نظر إليها وهو يبتسم: ولكنك أحلى من هذه الطبيعة كلٌها .. وهو يبتسم ابتسامة متسعة ابتسامة الأطفال وهي تنظر إليه بحنق: عٌدي .. أنا لا امزح بحق تلك البقعة جميلة وتصلح للعيش فيها وهي جميلة بحق من أجل تر…….. صمتت عائشة والحياء يعتريها وكأنما عدي قد فهم ما تقصده ولكنه تصنع الغباء والجهل: تصلح لما؟؟ هاا؟؟ قولي.. تصلح لما؟؟
 
هي أنزلت وجهها مبتسمةً وهو يقترب منها ويتصنع الاستغراب: ماذا؟؟ قولي يصلح لماذا؟؟ رفعت رأسها والابتسامة تتغلب عليها: تعرف لما!! لتربية ….. لتربية …… هنا عدي أراد أن يغضبها قليلا وقال: نعم، أنت محقة … ففاجأت عائشة لما قاله، يبدو أنه يوافقها الرأي … انه فعلا يقرأ أفكارها ولكنها أرادت أن تسمعها من فمه: إذا كنت تعلم قل لي .. افعلا تصلح لل…!! تعرف؟؟ بالطبع، أنت بالفعل محقة، بالواقع … وقف مفكرا وهو يحك ذقنه الملتحي … يمكننا أن نبني مزرعة .. مزرعة متوسطة الحجم، نزرع فيها ما نحتاجه …أراهنك أن الأرض هناك خصبة وسنحقق ثروة …..
 
التفت إليها وهو يبتسم ولم تستطع عائشة أن تصدق ما تسمعه، كان يقصد الزراعة وتحقيق الثروات ..ما باله؟؟ ألم يكن يفكر بما كانت هي تفكر فيه ..
ما أغباها!!
لكنه سيرى……. والماشية نفسها ستكون قوية ومثمرة .. اووووه يا أشي …
 سنكون أغنياء (هكذا اكمل ما كان يقوله مع الابتسامة المخفية).
 
 لم تستحمل عائشة سخف عدي ومدى تفكيره،
قامت والحنق يملؤها وهي تسير مسرعة الخطى ناحية القرية عبر طريق الغابة، وعدي بنظر إليها وهو يقول: تباً. ضحك ضحكة وهو يعدو خلفها أما هي فكانت تارةً تجري وتارةً تهرول وعندما سمعته يناديها من حلفه استدارت له لتجده قد اقترب منها لذلك استأنفت الطريق بالركض … هو وقف مكانه عندما وجدها تركض مستغربا مما تفعله وهو يحدث نفسه كما لو كان يخاطبها: لقد كان مزحة أيتها المدللة!!
 
انزعج لما صدر منها من دلال واستدار عائدا للمنبع مفكرا إنها ستأتي له إن افتقدت مسيره خلفها
سار عدي مسافة والتفت من خلفه
لا اثر لعائشة
 
سار اكثر …..
واستدار
 
لا اثر ولا حس ولا صوت لها
أي درب سلكت لا يدري
 
 
تحول الفجر المنتهي إلى صباحٍ مشرق وعدي ما زال يبحث عن عائشة وقد تشعب خوفه عليها، ولكنه الآن كان حانقا لا متسليا .. كيف يحق لها أن تفعل ذلك به؟؟ إنها بالفعل لطفلة مدللة لا تحتمل المزاح، زاد حنق عدي عليها لذلك قرر انه عندما يجدها سيريها ما لا تتوقعه … مضت فترة طويلة أخرى وعدي مازال يبحث عن عائشة
 لكن هيهات………
 
 لم يجدها
 
جلس اسفل شجرة كبيرة وهو يلهث من التعب ويتنفس بعمق كبير والمشاعر مختلطة عليه لكنه كان يفكر إنها قد وصلت المنزل الآن وهو مستريحة بينما هو الأحمق يسير خلفها بأرجاء الغابة … ما أقساها أحس بالعطش المقيت وراح يسير مرة أخرى ناحية النبع الذي كانا يجلسان بقربه عندما وصل اقترب ليشرب والغضب يملؤه ففكر لو انه يرى عائشة بهذه اللحظة لا يدري ماذا سيفعل بها قد يضربها أو قد بهزها حتى تفقد وعيها لما سببته له من رعب
 
 
انزل رأسه قليلا ليشرب الماء ويغسل وجهه عن العرق الذي تصبب منه …. رمى بالماء عدة مرات على وجهه .. واخذ يمسح وجهه بكم يده .. وهو على تلك الحال .. برق شيء أمام عينيه بقرب الضفة .. اقترب منه ورفعه … كان سوارا … سوارا خفيف .. يبدو وكأنه سوار عائشة .. أحس بالدنيا تموج في فكره .. قلبه يختنق ..دقات قلبه ترتعش تعلن عن التوقف .. لا الأفكار التي تجول بذهنه تفكر برحمته ولا قلبه الواهن .. أحس بالضعف … لا .لا أحس بالخوف فلم يعد يريد التفكير اكثر …عشوائيا نادى باسمها بأعلى صوته …….عائشة
 
 
ركض كالمجنون ….. تائه بين العروض الخضراء وبين أفكاره وهو ظل ينادي باسمها ….. عائشة
 
لم يجد عائشة……. عائشة لا ترد عليه ولا تجيب على سؤاله ….. أين أنت يا عائشة .. اتركي عنك هذه التصرفات وأظهري .. فكر بالعودة للقرية .. لربما هي هناك .. لربما السوار كان هناك بمحض الصدفة ….لربما هي لا تدري بسوارها المفقود .. لربما سقط سهوا من يدها ……
 
جرى بسرعة شديدة ينافس الريح الساكنة …. يلتفت يمنة ويسرة علها تكون مختبئة أو تجري بعكس اتجاهه
 
 
أحس بالوهن وبالعجز……. بالخطر المحدق…… وقف وهو يلهث وعقدة حاجبيه تزاد تغضناً أعلن عن العجز بصراخ أليم …….. أين أنتِ ؟؟ أين أنتِ؟؟
لم يلقى أي جواب… فزاد هلعه
 
 
وصل للقرية وهو يزيد من سرعة جريانه وعروقه تكاد تتفجر من براكين الدم المتجمعة بجسده كلها تنادي أي أين يا عائشة أي أنت؟
 
تخطى عتبات بيت عمته قفزا وهو مازال يركض خرجت عمته عن سماعها لوقع الخطوات:: خيرا بني ماذا جرى؟؟ وهو لا يعيرها اهتماما صعد الدرج بخطوتين صفق باب غرفتها ….. ليست هنا ليست هنا
 
جن جنون عدي، نزل إلى عمته امسكها من ذراعيها :: عمتي أين هي عائشة؟؟ أين هي عائشة؟؟ .. العمة وقفت مدهشة لا تدري ماذا تقول: ظننتها معك … كما كل صباح … أليست معك؟؟ العمة وهي تكابد الرعب الذي دب في أنحائها: أين هي عائشة عدي؟؟ أليست معك؟؟ نظر إليها نظرات يائسة وهو يرمي بذراعيه على جانبيه مثقل البال: لا اعرف أين هي … اتجه ناحية الباب وهو يهمس بصوت شبه مسموع …. لا ادري أين هي ..
 
لم يبدوا أي شي مفهوما ……لم يعرف عدي الذي جرى أو ماذا حصل كل الذي يعرفه أن عائشة اختفت ………….كما اختفت عندما كانا صغيرين … وكما رآها أول مرة …

 
الجزء العاشر:::
 
ستلاحظون بهذا الجزء أن القصة ستروى من قبل الأبطال أي أن عدي من سيروي لكم القصة أو عائشة… أسلوب السرد السابق لن يتكرر و أرجو أن يعجبكم الأسلوب الجديد..
 
وشكرا…
 
كاتبة القصة
 
00 عدي 00
 
اختفت …… اختفت من أنظاري … لحقتها ….ولحقت ظلالها بالغابة ولم أجدها … فص ملح وذاب بالنبع .. يا ليتني لم اقل لها ما قلته .. يا ليتني تحليت بالجدية لو من اجلها وماذا قلت لها؟؟ لم اقل لها ما يسبب هذا الانزعاج كله .. يا حبيبتي أين أنت
 
لقد مر الصباح الواجم، وهاهي الظهيرة مقبلة علي وحتى الآن لا شيء .. أجري بالغابات، وبالأزقة .. لا فائدة ضاعت مني عائشة ولا أدري أي أبحث عنها يا ربي يا سامع الدعوات استجب لي دعائي … ولكن … لا، لا يمكن .. هل تكون هذه .. لكن والدي قال … يا اللهي هل هذا عقابي؟
 
قال والدي ما لا يصدق بذلك اليوم .. وأنا كالطفل صدقته لما صدقته لما كان علي أن اصدقه … كان من المفترض أن اعرف أني مجرم وان الله لا يهمل والدي قال ما قاله بدافع الأبوة وبدافع الخوف والحب …. يا اللهي فرج عن كربي
 
ما الذي يحصل ؟؟ لما أحس بالضيعة؟؟ .. وكيف لا أضيع؟؟ سبب بقائي حياً طوال تلك المدة ضائعة .. سبب وجودي بالحياة ونبض قلبي المتأجج ضائعة وأنا كالغبي الأحمق أحملق بالأفق البعيد … أتخيل مقدمها ناحيتي وهي فاتحة ذراعيها …
 
علي أن ابحث عنها
لن اجلس قابعا هكذا كالغبي
انه اعرف هذه الغابات هذه قدماً قدما
شبراً شبرا
لو اذكر فقط آخر ما قالته
ماذا تحدثت عنه؟؟
يا لغبائي
تذكرت .. لعنك الله أيها الشيطان
 
التلة الخضراء
هي هناك
انه متأكد سأسرع كيلا يهبط الليل علي وأنا مازلت بالخارج
 
ربي وفقني .. ربي اجعلها هناك
 
ربي اسمع دعواتي
 
ربي ساعدني في العثور عليها

الفصل الحادي عشر

 
00*عائشة*00
 
هبط الليل وأنا ما أزال هنا … لا بد أن الكل يبحث عني .. ولاسيما عدي
 
ولكنه يستحق … ذلك الأحمق .. يستخف بكلامي وكأنني طفلة لا استحق منه الاهتمام
لابد انه غاصب
بل انه اكثر من غاضب
 
لم يكن علي فعل هذا
لمَ لم اعد للقرية كما وجب
 
لما كان علي القدوم إلى هنا
يبدو أنني سأبيت الليلة هنا
 
لا أرى الدرب جيدا
 
والحمد لله أنني تركت آثارا على درب خطواتي كي أعود منها
مسكينة عمتي
لابد أن الخوف قد اخذ منها مأخذه
 
سأرجع
و لو أن الظلمة لا تساعد لكن سأحاول
 
كم هو جميل الجو بهذا الوقت
تبدو الغابة كالجنة
 
عدي الأحمق ….
تعبق روائح التربة بالجو .. تصلح للعاشقين
أي عاشقين؟؟ عشاق مثل عدي
 
لا يفكرون إلا بالثروات وبالقطيع وبالزراعة والأموال .. ما أغباه
 
ولكن … يا ليتني لم افعل هذا؟ لربما هو قلق علي .. سأسرع من خطاي علني اصل سريعاً .. ما هذا؟؟ كنت أتسائل عنه و أفكر به وإذا به أمامي غاضبا
كان يبعد عني بأقدام إلا أنني كنت أحس بغضبه وحنقه كما لو كان واقفا أمامي.. يا اللهي ماذا ارتكبت بحق نفسي؟؟
 
اقترب مني والظلام يغطي قسما من وجهه، والآخر يا اللهي ماذا جنيت من العناد
"ماذا تفعلين هنا؟"
سألني والاقتضاب بحاجبيه، يا اللهي حتما سيقتلني ولكن علي أن احبس أنفاسي وان اظهر بمظهر الانزعاج
"وما همك أنت؟ أينما احل أنا حرة بما أفعل"
قلتها لا أصدق أنني قلتها أمامه.. يا ويلي
لم يحرك ساكنا بل بقي ينظر إلي وأنا أبادله النظر إلا أن اقترب مني وصدقوني أحسست بالخوف والرعدة تسري بمفاصلي
 
اقترب مني وبدى وجهه واضحا وظهرت معه المشاعر التي كان يمر بها
" لماذا فعلت بي هذا؟؟ لماذا ؟؟"
 
لم استطع أن أتحرك أو أن أحس لشيء .. ما قاله وكيف قاله ينم عن الحزن العميق وعن ألم عظيم فلم أتجرأ على القول أو التفسير فاكتفيت بطأطأة رأسي واخفضه للأرض

*/* أم سداح*/*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى