رسائل المجموعة

قصة القطار الطويل ..

/

أنا الآن في ساحة بيضاء ، ممتدّة إلى ما لا نهاية ، و مجرّدة من كل شيء . هنالك غيوم متكتلّة في السماء ، و تحجب ما وراءها بطريقة مُرعبة . أجد عن يميني ثمانية أبواب مُضيئة ، و عن يساري سبعة أبواب سوداء اللون ، و أنا في المنتصف ، أنتظر من يأتي لتوجيهي .

أتاني شخص ، غريب المظهر ، لا يُمكنني وصفه ، و قال لي : ” اذهب إلى أبواب الجنّة الثمانية و ابحث عن اسمك لدى كل حارس على أبوابها ” . لقد أتى الموجّه و بَقي عليَ أن أقوم بتطبيق ما آتاني به .

ذهبت إلى الحارس الأول ، بعد بُرهة قال لي بلطف : ” اسمك ليس موجودٌ هنا ، اذهب إلى الباب الثاني ” ، ذهبت إلى الباب الكبير الآخر ، قال لي : ” اسمك غير موجودٌ هنا ، اذهب إلى الباب الثالث ” ..

لقد قُمت بالمرور على جميع هذه الأبواب و لم أجد اسمي ، الوضع مُحرج يا الله ، إلى أين اذهب الآن ؟ أتاني حارس مُلبٍ لسؤالي و قال لي : ” اذهب إلى أبواب النار السبعة و ابحث عن اسمك لدى كل حارس على أبوابها ” ، ذهبت إلى هنالك و بدأت البحث عن الباب الذي سيُفتح لي .

سألت الأول و قال لي بعنف : ” اذهب إلى الباب الآخر فاسمك ليس هنا ” ، ذهبت إلى الثاني و أعدت نفس السؤال : ” هل اسمي موجود في القائمة لديك ؟ ” قال لي ذات الكلام الذي ذكره زميله الأول ، و بذات اللهجة .. كررّت ذلك مع كل الأبواب السبعة و لم أجد اسمي بقائمة أي حارس ، ماذا يحدث لي ؟ يبدو أن هنالك مُشكلةً ما .. !

عُدت لمُنتصف الساحة و صرخت بخوف : ” يا ربي لم أجد اسمي بأي مكان ، لم أجده مع حرّاس الجنّة و لم أجده مع حرّاس النار ، إلى أين اذهب ؟ ” ، أتاني حارس عملاق و أخبرني بأن اركب ذلك القطار البعيد من هنا ، كم سيلزمني من وقت لأصل إلى هنالك ؟ شكرته على التوجيه ، و تقدمّت بمسيرتي حتى وصلت للقطار الطويل ، كان بابه مفتوحاً ، فشرعت بالدخول .

كان خالياً ، و لم أجد أي شخص في مقدمته ، هل يُعقل هذا ! قطار بهذا الطول ولا يُوجد بهِ أحد ؟ و إلى أين سيقلّني وسط هذا العالم الأبيض الذي لا يحتوي على طُرق واضحة المعالم ؟ أعدت النظر بتركيز إلى مُؤخرة القطار ، فوجدت شخصاً مُخيفاً يقبع وحده في آخر المكان ، شعرت بغباء الموقف لو جلست هنا وحدي و قررّت بأن أجلس بجواره لعلّه يُفيدني بمعلومة عن هذا المكان الغامض .

جلست بجواره ، كانت نظراته مُخيفة كشعره المُبعثر ، و عيناه الجاحظتان تبعث الرعب بالنفس ، أخذ القطار بالتحرك و بدأ بالنزول إلى الأسفل بآلية لم أعهدها ! كيف لقطارٍ أن ينطلق إلى الأسفل ؟ بعد مدّة من الصمت و تبادل النظرات مع ذلك الشخص ، سألته ببلاهة : ” من أنت ؟ ” ، قال لي بثقة : ” أنا أبو جهل ! ” ..

شعرتُ برعشاتٍ متتالية ، و عرقٌ يتصبب من ذهني ، فأردفت سريعاً بسؤال آخر و قلت : ” و إلى أين نحن ذاهبون ؟ ” ، قال لي : ” نحنُ ذاهبون إلى الدرك الأسفل من النار ”

بدأتُ بالصراخ و سؤاله عن طريق النجاة . فأنا لا أريد أن اذهب إلى الدرك الأسفل أرجوك ، فاكتفى بقول : ” أرمي نفسكَ من هذه النافذة لعلّك تجد شيئاً يُنقذك ” ، ذهبت إلى النافذة و القطار ينطلق بسرعة و رميت نفسي منها و سقطت سقطة مُوجعة كسّرت الكثير من عظامي !

تلك السقطة كانت من نافذة المنزل يا أحبتي ! فقد كُنت أحلم بهذا الحلم المُرعب ، و كانت نتيجته سُقوط كسرّ الكثير من عظامي ، عظام حوضي و عظام كتفي و غيرها ، لقد قفزت من الدور الثالث بسبب تفاعلي مع هذا الحلم و كانت هذه النتيجة التي وصلت إليها .. و أشكر الله بأني ما زلتُ حياً .. ولكم في هذه المواقف عبرة و عضة ..

* هذا الحلم كان حقيقياً ، و قد رواه لي أحد الأصدقاء عن صديقه الذي عاش هذا الحلم و قُمت بتجسيده قدر المستطاع ، وهو الآن في المستشفى يتلقى علاجاته التأهيلية ليعود للمشي . كان ذلك الشخص عاصياً و ربما مهدّ الله الطريق لتوبته بهذه الطريقة ، اخبرني صديقي بأنه اعتدل كثيراً و أصبح أكثر حفاظاً على فُروضه و واجباته و ترك ما كان عليه بالسابق ، وهو يتمنى أن يعود طبيعياً ليُكمل ما بدأ بهِ بعد هذا الحلم ، عفواً ، بعد هذا الكابوس الفظيع . هذا والله أعلم .
 


كتابة : المهندس ماجد بن محمد


تابع جديد رسائل المجموعة على تويتر

/
twitter.com/AbuNawafNet

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى