عـنـد الإشــارة
الساعة الواحدة ظهرا, طوابير من السيارات مصطفة أمام الإشارة, تبدأ الصفوف الخلفية بالتزمير وهو ما يعرف في المملكة بالبواري قبل تحول اللون الأحمر إلى الأخضر منبهة الصف الأمامي بقرب موعد الانطلاق لان أي تأخير من الصف الأمامي قد يؤدي إلى تأخير احد الصفوف الخلفية وعدم تمكنه من اللحاق بالإشارة الخضراء.
وأنت خلف مقودك يراودك شعور بأن قائد السيارة التي على يمينك ينظر إليك وما أن تلتفت إليه حتى يلتفت بوجهه إلى الجهة الأخرى وكأنه لم يكن يحدّق بك !!.
في الناحية الأخرى سيارة عائلية قد امتلأت بالأطفال الذين جعلوا من السيارة ملعبا فتراهم يقفزون ويلعبون بكرة صغيرة وأحدهم يأكل الايس كريم فتبتسم لهم وأنت تتذكر أيام طفولتك البريئة عندما كنت بلا أي مسؤوليات ومعظموقتك تقضيه باللعب, وأثناء تذّكرك لأيام الطفولة وابتسامة الحنين إلى تلك الأيام مرسومة على وجهك إذ بأحد الأطفال ينظر إليك وهو غاضب ويشير إليك بحركة غير لائقة فتستغرب كيف تعلّم هذا الطفل هذه الحركات وهو في هذه السن !!
تسمع فجأة طرق النافذة الجانبية فتلتفت مذعورا وإذا بإحدى المتسولات تحمل طفلا وتطلب منك المساعدة وهي تلبس أساور من ذهب لا تستطيع أنت أن توّفرها لزوجتك فتشير لها بإصبعك إلى فوق وهي ما تعارف عليها الناس ( بالله يعطيك ).
تمر الدقائق ولازالت الإشارة حمراء فتنظر إلى لوحة الإعلانات فتجد إعلانا عن الانتخابات البلدية وفيه تشجيع للمواطنين بالتسجيل موضحين أن آخر موعد للتسجيل في التاريخ المحدد وهو ما مّر عليه أكثر من ستة شهور !!.
بعد أن نظرت إلى كل الجهات رغبة منك في قتل الوقت تنظر إلى أسفل فتفاجئ انك واقف على خطوط المشاة رغم انك تقف في الصف الثالث !!.
يقاطع تأملك لخطوط المشاة صوت بوري واحد فتدوس على البنزين للانطلاق ولكنك ترى الإشارة حمراء فتتذكر أن هذا البوري إنما هو لتذكيرك بقرب الموعد لان الإشارة لو كانت خضراء ولم تنطلق فلن تسمع صوت بوري واحد فقط ولكن التزمير سيكون بشكل جماعي. وما أن تصبح الإشارة خضراء حتى ينطلق شخصا بسيارته من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار رغبة منه في الدوران راميا بأخلاق القيادة عرض الحائط.
عزيزي القارئ إذا حدثت لك هذه المواقف أو بعضها فاعلم انك واقف في احد إشارات شوارع الرياض.
سلطان العبدالرحمن
