رسائل المجموعة

:: طريق الموت ::

طريق الموت
ياسر اليحيى/ yasseralyahya@gmail.com

المنطقة الشرقية تشهد العديد من الحوادث والاتهام هنا بين متعهد ( مقاول ) ووزارة   أأصرا على ألا يسجلا رقماً قياسياً في عدد ضحايا طريق الجبيل – الظهران السريع قبل أن ينتهي العمل السلحفاتي.
 ربما لو كنا نتحدث عن طريق يربط هجرة من الهجر بأخرى ، أو عن طريق صحراوي يستخدمه أهل البادية ، أو عن طريق مؤقت تستخدمه إحدى الشركات بشكل مؤقت لبناء مشروع من مشاريعها.
ربما لو كان هذا هو الواقع لأمكننا منطقياً تفهم الإيقاع البطيء ، والمقاييس المتواضعة ، والمعدات المترامية ، وجلوس العمال على أرض الموقع لتبادل الأحاديث ، وبقاء التحويلات لأشهر دون تحديث ، والحفر الكثيرة ( إحدى الحفر أدت إلى تعطيل أكثر من 10 سيارات تباعاً تعطيلاُ تاماً وهي تسير بسرعة 120 كلم /ساعة والكاتب شاهد عيان ) هذه الفوضى الحاصلة ربما نستطيع – بمضض – تفهمها (وليس القبول بها) لو كان هذا الطريق شيئاً آخر غير طريق الجبيل – الظهران السريع، لكننا نتحدث عن طريق سريع يربط مدينة الظهران ( أكبر مدينة نفطية في العالم ) بمدينة الجبيل الصناعية (رائدة صناعة البيتروكيماويات في العالم أيضاً) ، بكلمة أخرى ، إننا نتحدث حول معقل أضخم شركتين في المملكة : أرامكو السعودية (الظهران) وسابك للصناعات الأساسية (الجبيل) ، إننا يا معالي وزير المواصلات نتحدث عن طريق يربط المدينتين المسؤولتين مسؤوليةً مباشرة عن رفاه شعب المملكة العربية السعودية بالكامل ، ومستخدمو هذا الطريق من الكوادر الوطنية والوافدة المعنية بتشغيل منشآت هاتين المدينتين لضمان تدفق النفط والبيتروكيماويات للعالم أجمع ، بمعنى آخر: إننا نسهر لكي يبقى العالم مضيئاً، بعبارة أخرى : هؤلاء الذين يطرقون الـ95 كم رواحاً مع الفجر وإياباً مع مغيب الشمس يدينون لنا بشيء أفضل من حادث مروري، إلا أنه هو الشيء الذي يحصلون عليه ! مطالبهم بألا تتجاوز أن يكون طريقهم لمنشآتهم النفطية معبداً بشكل عادي لا أكثر ! إنهم لا يتوقعون أكثر من حماية سلامتهم من حفر طريق الجبيل – الظهران السريع ، إنهم لا يتطلعون لأكثر من أن تتم إعادة الطريق القديم على علاّته ، فهو بقدر سوئه يبقى أكثر أماناً من طريق الجبيل – الظهران السريع الحالي الذي اصطلح مستخدموه على تسميته طريق (الموت) ، لا يريدون قطاراً ، ولا طائرات ، ولا سفنا ، مجرد طريق مصنوع من مادة (الزفت ) ،هل هذا كثير؟!
بالأمس القريب – 16 ذو الحجة 1427هـ الموافق 7 يناير 2007م – فقد قسم الصيانة في معمل غاز البري التابع لشركة أرامكو السعودية أحد موظفيه المخلصين ( ومرافقه يرقد في العناية الفائقة ) إثر حادث مروري مروع على طريق الجبيل – الظهران السريع ، لم يكن المتوفى -رحمه الله – الشخص الأول الذي يذهب ضحية هذا الطريق (المميت) ، ويبدو أنه لن يكون الأخير. فقد حصد هذا الطريق حياة الكثير من الأعزاء علينا بسبب سوء وبطء الإصلاحات الجارية فيه .. فمستخدمو طريق الجبيل – الظهران السريع يعلمون تماماً أن إصلاح هذا الطريق استغرق من الوقت ( ومازال قيد الإصلاح ) ما يكفي لبناء طرقٍ كثيرة وليس رصف 95 كيلومترا فقط ( ألم نبنِ جسراً هائلاً للجمرات في غضون 12 شهراً ؟! ) ، خصوصاً أنه لا يوجد ما ينقصنا : لا الأموال ولا الإرادة ، ولنا في الدول المجاورة أكثر العبرة ، إذ نرى الطرق السريعة والمقامة وفق أحدث المواصفات والمقاييس ينتهي العمل بها في أوقات قياسية ، بينما نشاهد جميعاً نحن مستخدمي طريق الجبيل – الظهران السريع وبشكل يومي كيف أن عدد العاملين في هذا مشروع إصلاح هذا الطريق الذي يطرقه عشرات الآلاف يومياً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ، ونرى جميعاً أن هؤلاء العمال لا يعملون بعد الثالثة والنصف ولا قبل السابعة صباحاً ، بشكل يبعث على الاستغراب وعدم تصديق الأنباء التي تحدثت عن تسريع وتيرة العمل على هذا الطريق الحيوي، معداتهم متوقفة بشكل شبه دائم ، ومهامهم مقتصرة على دمج الطريق ذي الاتجاهين في طريق واحد ضيق بمسارين أضيق تفصل بينهما براميل بلاستيكية مترابطة بسلك كهربائي – طريقة تفتقر لأبسط أبجديات السلامة المرورية – في الحقيقة ليس الغريب حدوث الحوادث ، الغريب حقاً هو عدم حدوثها .
وأختم برسالة مباشرة إلى معالي وزير المواصلات : معالي الوزير ، لسنا نطالبكم بالضغط على المقاول المتعهد بمشروع إصلاح طريق الجبيل – الظهران السريع ، ولسنا نطالب وزارتكم الموقرة بدفع ديّات من ذهبت أرواحهم ضحية فخاخ الموت ( التحويلات ) ، ولسنا نطالبكم حتى بالإسراع في إصلاح هذا الطريق الذي يسلكه عشرات الآلاف يومياً ، ولسنا نطالبكم بشق طريق بديل ، نريد أن نعرف فقط : هل جرّبتم معاليكم قطع هذا الطريق بالكامل مؤخراً ؟
سيبقى هذا الطريق بتحويلاته الكثيرة فخاً يومياً للموت يجيب عن تساؤلاتنا بإضافة المزيد من تحويلات الموت ، وستبقى الكلمات والمقالات والصرخات لا تعدو كونها ( فشّة خلق ) على حد تعبير إخواننا اللبنانيين ، وسيخيم صمت دون تعليق أو تفاعل أو ردة فعل من قبل المعنيين بالأمر كالعادة ، مستخدمين استراتيجية 🙁 دعهم يزعقون .. سيتعايشون مع آلامهم) سيبقى الصمت رائد الموقف : صمت الوزارة ، وصوت قبور من قتلتهم الأخطاء.


المقال الثاني تابع للأول

الإنسان .. طريق الموت مرة أخرى
ياسر اليحيى/ yasseralyahya@gmail.com
 
(صمت الوزارة ، وصمت قبور من قتلتهم الأخطاء) كانت هذه هي الجملة الأخيرة الصامدة والتي ختمت بها مقالي الأخير في 10 يناير ، وهي اليوم الجملة الأولى- كما توقعت- التي أبدأ بها مقالة 24 يناير مانحاً بذلك الوزارة المعنية بالأمر فرصة 14 يوماً ( 336 ساعة ) للرد أو التعليق بأي تعليق حتى لو كان من نوع : اصمت أيها الكاتب الحقير ! رغم ذلك لم يتلق صندوق بريدي أكثر من 100 رسالة تضامن ، أرسلها أمثالي الذي ينتظرون حتفهم يومياً على مذبح طريق الموت.
أشكر جميع من أرسل لي متضامناً وموافقاً أو معترضاً ( لم يعترض أحد ) ، وقد رددت على الجميع وأتمنى أن يزيد هذا التواصل مع الكاتب ، فهم النافذة التي يستنشق منها الكاتب الهواء العليل ، ومع كل هذا فالسؤال حول صمت المعنيين بالأمر باقٍ : هل كان هذا صمتهم متوقعاً ؟ نعم ، ألم يذكر الكاتب في مقاله الآنف أن هدفه من المقال ليس أكثر من فشّة خلق وقد كان .من المؤسف أن نتوقع هذا الصمت السلبي ، والأسف أكثر أن تصدق توقعاتنا ، والأسف الأشد أن تكون الإجابة على التساؤل البريء : مالحل ؟ المزيد من الموت.
 إذن فنحن أمام المزيد من فشّات الخلق ، فلا يوجد لدينا غير هذه الحيلة العاجزة الكسيحة : التعايش مع الوضع ، ولكن إلى متى ؟ لا أدري.. صدقني عزيزي القارئ : لا أدري ، فأنت وأنا وجميعنا نحن المواطنين وفق المعطيات الحالية لا فرق بيننا وبين الحيوانات التي تصطدم بها السيارات وترديها ، ليأتي أحدهم ويبعد الجثة عن قارعة الطريق ويكمل طريقه .. لا فرق يذكر عملياً..
 أريد أن أخرج عن ضيق المثال إلى سعة الفكرة المبدئية ، تلك التي تُعنى بقيمة الإنسان ، الإنسان لا أكثر .. هذا الشيء ( الإنسان) الذي أريد أن أتحدث عنه وأتمنى من الوزارات والمؤسسات الحكومية أن تتذكر دائماً أنها هناك فقط لأنها تخدم هذا الإنسان ، وأنها تستلم شرفها ورواتبها لأجل هذه القضية تحديداً وليس لأي شيء آخر..وأنها تحظى باحترام أكثر وتقدير أوفر فقط لأنها تخدم هذا الإنسان .. أتساءل عن موقع هذا الإنسان من الأعراب ، عن قيمة ما يتفوّه به ، عن حقه المزعوم في تقرير مصيره ، عن حقه المزعوم في التعبير عن رأيه الخاطئ أو الصائب بحرية ، عن حقه المزعوم بسقف يأوي تحته ويقيه بلل المطر وقر الشتاء وحر الصيف ، عن حقه المزعوم بتعليم مجاني يكفل له أن يقرأ الحرف ويفهم الإشارات ، عن حقه المزعوم في أن يتلقى علاجاً مجانياّ يكفل له حياة عادية فقط لا أكثر ، عن حقه المزعوم في أن يحصل على قطعة أرض يبني فيها بناء صغيراً يضمه وزوجه وأبنائه الصغار ، هذا ما أريد أن أتحدث عنه ، وأتمنى أن يتحدث عنه الآخرون ، وأتمنى ان يكون هاجساً للآخرين ، لأنني أعتقد أنه لا يمكن أن نبحث في أي شيء آخر قبل هذا الشيء ، وإلا نكون قد وضعنا العربة أمام الحصان ..
 بعد ذلك ، وبكل طفولية ، أتساءل عن وقع بعض الأخبار على مسامع بعض المسؤولين ، أتساءل عن مدى تأثر معالي وزير المواصلات بسماع أخبار الوفيات على الطرق السريعة بسبب رداءة الطرق ، أتساءل عن مدى تأثر معالي وزير الصحة جراء سماع أخبار ضحايا الأخطاء الطبية ، أتساءل عن مدى تأثر مسؤول مؤسسة الصرف الصحي حول اضطرار المواطنين للخوض في مياه المجاري النجسة بشكل يومي ليتمكنوا من الدخول والخروج إلى بيوتهم، أتساءل فقط ، لست أطمع هنا إلى أكثر من التساؤل الذي لا ينتظر إجابة أبداً ، ولا يجرؤ على ذلك أصلاُ.
 عزيزي القارئ .. أنت تحملني مسؤولية ( تغيير) الوضع الراهن فيما يختص بطريق الموت ( طريق الظهران – الجبيل السريع )، رغم أني قد أخبرتك من قبل عن نظرية ( دعهم يزعقون سيتعايشون مع آلامهم) وهي التي تستخدمها كثير من الوزارات كاستراتيجية في التعامل مع مطالبك كمواطن . إن المسألة عزيزي المواطن ليست مرهونة برد الوزارة أو امتناعها عن الرد ، المسألة مرهونة بقيمة المواطن لدى هذه الجهة الحكومية ، فإذا كانت الجهة الحكومية ترى أنها معنية بقضاء 8 ساعات يومياً بطريقة مشغولة عندها ستكون قيمتك أيها المواطن مرهونة بفرصة انشغال الوزارة بشيء يخصك ، أما إن ارتأت الوزارة أنها في عملها تخدمك كمواطن وتسهر على راحتك فإنها حينئذ ستحتفي برأيك وستطلبه أيضاً وتبحث عن رضاك .. دعونا نكف عن الاحلام ، فلا يبدو في الأفق ثمة (يوسف) ..

منقول من الكاتب/ ياسر اليحيى
ارجوا اني وفقت في طرحي هذا …وللرد على المقالين ارجوا المراسلة على الايميل الموضح في المقالين
اخوكم
Mr. V i P

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى