رسائل المجموعة

شاعر خسر في سيرك

سوف أمشي مخالفا هذه المرة .. مع إحترامي لجميع الآراء ,, ولكنني تعلمت أن الدنيا أولويات وأنها مجرد دار إختبار من الباري عز وجل عسى أن ننال رضاه يوم لا ظل إلا ظله
 
أما عن الرسالة أو (المقالة) فإنني أسأل وبـ البنط العريض: 
أما حان لهذه العقول أن تستفيق من غفوتها؟ إلى متى ونحن نمرغ أفكارنا في مضمحلات القشور , تاركين أهم مقومات اللّبابة والرُقي العلمي؟
لقد إنزلقنا (أو زُلق بنا) نحو منحدر حاد ٍ جدا , فمن الغزو الفضائي لروتانا وجميع القنوات الإحلالية , إلى برامج المسابقات السخيفة والمنحطة إلى أحلام (المليون)!!! ولعل الأخ علي سعد الموسى أبدع في وصف هذه الحاله بمقالته حيث يقول:
 
والعنوان بعاليه، مساهمة حرفية للصديق الزميل الأستاذ لؤي مطبقاني وهو يبعث إليّ برسالة هاتفية يعلق فيها على قصة الموؤودة شرعا إذ يقول: ستظل مثل هذه القصص المأساوية تحدث وستتكرر في مجتمع يحتفي باستقبال شاعر خسر في سيرك، بذات القدر من البلادة, على النقيض وهو يقرأ قصة طفلة قتلت لأن ذنبها الوحيد أنها فقط أرادت من كل الحياة أن تحيا وتتنفس.
خذوا هذه المعلومة: رصدت هيئة الاتصالات السعودية في الأيام الثلاثة الأخيرة من مسرحية شاعر المليون إرسال ما يقرب من
مليون وخمسين ألف رسالة منها بالتفصيل 850 ألف رسالة تصويت عن طريق شركة الاتصالات والباقي عن طريق الشركة المنافسة. تذكر ذات الإحصائية أن السعوديين قد ضخوا من أجل مهزلة التصويت فيثلاثة أيام فقط ما يزيد عن أربعين مليون ريال وعليكم حساب بقية المعادلة فالرسالة الواحدة يبلغ ثمنها أربعة ريالات منذ بدء المسرحية ـ الشاعرية ـ حتى نهايتها، فضلا عن مئات الآلاف من الرسائل النصية التي تخصصت بها عشرات القنوات الفضائية.

نحن بالفعل في مواجهة (مخطط تجهيل وتسطيح للوعي الاجتماعي)، لا لإشغاله بتمثيلية شعراء النبط وابتكاراتهم في سرد القصائد ولكنه تجهيل وتسطيح لكامل الوعي الاجتماعي عن قضاياه الشاغرة الملحة.

خذوا مرة أخرى هذه المعلومة: بحسب صحيفة ـ الرياض ـ فقد احتشد في استقبال شاعر المليون لدى عودته سالما مظفرا فاتحا في مطار الملك خالد الدولي بالرياض ما يناهز الألفي شخص مما جعل الجهات الأمنية بالمطار في حالة استنفار اضطرت معها لحماية الشاعر العتيد من زحمة مستقبليه وتهريبه حاسر الرأس من بوابة جانبية. في ذات الأسبوع، وفي تزامن يكشف كم للصدف من قيمة في بعض الأحيان، لقيت طفلة سعودية مصرعها تعذيبا على يد والدها فلم يبكها أحد إلا من رسائل مؤثرة بعث بها للإعلام بعض زميلاتها من الطالبات أو معلمة شجاعة اسمها منيرة المطرفي.
للموؤودة المرحومة ـ بإذن الله ـ شقيق لم يبلغ السابعة وكان شاهد العيان الوحيد الذي عاش تفاصيل المأساة ثم رواها بالمحاكاة في محاضر تحقيق الشرطة. طفل لم يشاهد طوال مرحلته من الوعي ملامح أمه المطلقة ولو كان في مجتمع يحترم كرامة الإنسان لعملوا له برنامج تأهيل نفسي. والقصة أن أمه المطلقة تبكي لتراب الأرض، لا لإنقاذ طفلة فارقت الحياة بل لرؤية واحتضان من ما زال حيا ولذات الأسبوع كاملا ظلت تحلم كابوسا بالابن فمن هو فيكم الذي قرأ عبارتها المحزنة، المنبئة عن وحشيتنا، وهي تبث لإحدى الصحف نجواها:
لقد استدعوني كي أقبر الميتة ثم منعوني أن أشاهد الحي. هذه الصرخة الهائلة لم تستقبل ولا حتى برسالة جوال، وكل القصة المؤلمة حتى اللحظة لم تلتقطها قناة فضائية واحدة من تلك التي سكتت عن الجريمة وتفرغت لشعراء مهرجانات السيرك.
 كل القصة الموغلة في وحشة الغابة لم توقظ كبدا واحدة إلا من مبادرة إنسان مثل الأمير حسام بن سعود وحرمه الأميرة سارة بنت مساعد اللذين عملا في صمت هائل وجمعا كل من كان حول الطفل الكئيب من ثلاث مناطق في منزلهما حتى تصالحت الأطراف وذهب ناصر ما قبل البارحة إلى أمه التي شاهدها للمرة الأولى بعد هذا الغياب الطويل.
تأملوا هذه الحقائق التي لا يتحدث عنها أحد تحت ضغط مسلسل التسطيح والتجهيل وانشغالنا بملايين التصويت لمهرجانات الشعر. نحن، بقياس عدد السكان، نحتل الرقم الأول في التهريب الخطير لمكنونات المخدرات بأشكالها المختلفة. نحن رغم الوازع الأخلاقي الديني أكبر مصنع لاستنساخ الأفلام الخليعة التي تروج لها حتى البقالة الصغيرة على مداخل الشوارع. نحن، وبكل امتياز، في ترتيب كوني بعد المئة في كفاءة مناهج العلوم والرياضيات. نحن، وبكل صفاقة أيضا، ندخل في منافسة شرسة مع المجتمع الغربي في نسبة الطلاق فمن بين كل خمسة عقود نكاح تصدرها محكمة، تعود ذات المحكمة لتصدر صكي طلاق من الخمسة في المعدل. نسبة تفوق النسبة البريطانية. نحن ندخل بكل امتياز أيضا إلى معدلات نوعية من الجريمة المنظمة المخيفة ومن ما زال في شكوك فليقرأ صحف الصباح المحلية ثم ليذهب للمقارنة مع صحف المدن والكون الأخرى ليشهد هذا الانحدار الاجتماعي. نحن أضحوكة الكون في قضايا الطفل والمرأة التي ظلت رهينة لصراع حزبي ـ الجوهرة المصونة ـ و ـ حزب التحرير ـ فيما جسدها يتعرض لأبشع الإهانات: المرأة لدينا لم تعد تطلب وظيفة بقدر ما تطلب حماية عظامها من الكسور وحماية أطفالها من غزوات فحولة ذكورية تحيل الدماء إلى ماء مسكوب. نحن شعب يبلغ ناتجه القومي فوق التريليون في رقم خرافي مخيف ومع هذا لا تسجل مصلحة الزكاة استقطاعا إلا أقل من (واحد إلى ألفين) فيما الزكاة 2.5 %. نحن لا نخجل من أنفسنا ولا من واقعنا المخيف لأن حملة تضامن برسائل الجوال تذهب لمرضى الفشل الكلوي لم تحصد في عام كامل إلا أقل من خمسة ملايين فيما نحن ندفع في ثلاثة أيام فقط عشرة أضعاف المبلغ من أجل شاعر في سيرك.

أستصرخكم أن تستيقظوا على هذه الحقائق المخيفة كي ننقذ مجتمعا من حالة اللا وعي، لأن كل وعيه اليوم مجرد قصيدة نبطية.
 
أما حاااااااااااااااااان؟؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى