رسائل المجموعة

– جولة أوروبية – الجزء الأول –

بداية أتقدم بالشكر الجزيل إلى مجموعة( أبو نواف) البريدية , أفضل وأكبر مجموعة بريدية عربية على شبكة الانترنت ، وأنتهز الفرصة في هذه الرسالة بأن أشكر الأخ الكريم " أبو نواف " المشرف العام على جهوده الكبيرة والمميزة و ( السباقة ) لكي تواصل هذه المجموعة تميزها وأن يكون لها سبق الريادة كعادتها دوماً فيما تبقى بقية المجموعات تسايرها رؤية وطرحاً بل وحتى تصميماً .
ربما أكون أحد القلائل في طرح مواضيع من خلال هذه القائمة ولكن لعل القارئ الكريم يتذكر الموضوع الذي طرح في الصيف الماضي حول رحلتي إلى ماليزيا مع الصديق العزيز " هاني " ، وكان لـ " قروب أبو نواف " دور كبير في انتشاره ووصوله إلى ملايين القراء حتى وصل الأمر إلى أن أتلقى رسائل من مسئولي سياحة وشركات سفر ماليزية من خلال البريد الالكتروني تطلب فيه أن أشير إلى شركتهم بطريقة أو بأخرى كونهم يشاهدون العديد من السياح العرب يحملون أوراقاً مطبوعة لتفاصيل الرحلة .
في هذا العام قررت أنا وصاحبي ( الصديق الصدوق ? هاني ) بأن تكون رحلتنا إلى القارة الأوروبية من خلال جولة بين عدد من الدول ، وستكون هذه الرسالة هي الجزء الأول ، أتمنى من كل قارئ أن يجد فيها المتعة والمعلومة تمشياً مع النهج العام الذي تتبعه مجموعة أبو نواف البريدية ، مع العلم أن جميع الصور التي ستنشر في هذه السلسلة من تصويري وتصوير صديقي هاني ، وختاماً لهذه المقدمة أقول كما قال الدكتور غازي القصيبي في كتابه ( حياة في الإدارة ) عندما كتب في الصفحات الأولى " لا أدعى أني قلت ، هنا ، الحقيقة كاملة ، ولكني أرجو أن كل ماقلته ، هنا ، حقيقة "

الجزء الأول

الإنطلاقة من دبي إلى فيينا
كانت ظروف الرحلة بالنسبة لي صعبة فأنا للتو قد عدت من كوريا الجنوبية بعد رحلة عمل إلى دبي بعد عشر ساعات طيران ، على أن ألاقى هاني في المطار استعداداً لمغادرتنا إلى فيينا صباح اليوم التالي في رحلة تستغرق قرابة ست ساعات، بكل تأكيد كان الوضع مرهقاً أن تتنقل من شرق القارة الآسيوية إلى غربها ومن ثم إلى وسط القارة الآوروبية في وقت لا يتجاوز 24 ساعة .
عند الثامنة تماماً منبه الجوال يرن لأستيقظ استعدادا للرحلة التي كنت أعتقد و ( ربما هاني كذلك ) أنها عند العاشرة إلا ربعا ( 9.45 ) ، بينما كنت أجهز عدة الحلاقة تفاجأت بهاني وهو ينادي بسرعة ( انزل لإيقاف سيارة أجرة بينما أحضر أحضر الجوازت وإنهي إجراءات الخروج من الفندق ) ، قلت .. لازال الوقت مبكراً خصوصاً ونحن نحمل بطاقة صعود الطائرة ( البوردنق ) لكنه صدمني عندما أكد بأن الرحلة في تمام التاسعة وعشر دقائق .. نظرت إلى ساعة الجوال فوجدتها الثامنة وخمس دقائق ونحن لازلنا في غرفتنا بالفندق !! ، أي تبقى على إقلاع الطائرة 55 دقيقة بالتمام والكمال… كيف أصف لكم سيناريو الماراثون الذي نفذناه بمهارة بدءاً من إنهاء خروج الفندق ومروراً بإيجاد سيارة تاكسي وإنتهاءاً بوصولنا إلى مدخل المطار والمذيعة الداخلية تردد ( النداء الأخيرة للرحلة رقم .. المتجهة إلى فيينا ) ، لا يخفى عليكم كيف هو حجم مطار دبي والمسافة التي ستقطعها حتى تصل إلى بوابة الطائرة ، لذلك ماكان لنا سوى ( الركض والركض ) حتى وصلنا إلى بوابة الطائرة في الدقيقة الأخيرة .. وأخيراً .. جلسنا على المقاعد بهدوء بعد 55 دقيقة دراماتيكية كانت أشبه بسباق 4000 متر حواجز .
بعد وصولنا لمطار فيينا انهينا اجراءات الجوازات بسرعة شديدة على غير المتوقع رغم أن المطار لم يكن منظماً بالشكل الذي كنت أتخيله ، اتجهنا إلى شركات التاكسي وطلبنا سيارة بعدما قدمنا للموظف اسم الفندق الذي حجزه هاني من خلال " النت " دقائق حتى وجهنا الموظف إلى رصيف سيارات التكاسي وتفاجأنا بسيدة تحمل حقائبنا وتطالبنا بالركوب في السيارة ثم تولت القيادة .. كانت تلك المرة الأولى التي نركب فيها سيارة أجرة تقودها أمرأة ، هاني بدأ الحوار وهو يقول لها " هل تعلمين .. هذه المرة الأولى التي .. " ثم قاطعته السائقة لتكمل الجملة بنفسها " التي تقود فيها إمرأة بك في سيارة تاكسي " ضحكنا قليلاً ثم أضافت .. كل العرب يقولون هذه الجملة !

سائقة
سائقة التاكسي : كل العرب يقولون بأن هذه المرة الأولى التي يركبون فيها تاكسي تقوده إمرأة

بمجرد وصولنا إلى الفندق خرجنا لرؤية مدينة فيينا ، المدينة جميلة وهادئة ومليئة بالسياح الذين هم أكثر بكثير من سكان المدينة ذاتها ، لا تستغرب كثيراً حينما تركب الباصات و مترو الأنفاق بأن أغلب الركاب يحملون خرائط للمدينة ! .
موظفة الفندق شرحت لنا كيفية التعامل مع بطاقات ركوب وسائل المواصلات حيث أن التذكرة التي ستشتريها ليوم واحد او يومين أو حتى ثلاثة تخولك ركوب جميع وسائل المواصلات " باستنثاء التاكسي طبعاً " فالباصات و " المترو " و " الترام " تستطيع ركوبها في أي وقت تشاء بدءاً من تفعيلك بطاقة الركوب للمرة الأولى وبعد ذلك ضعها في محفظتك لأنك قد لا تسأل عنها أبداً .
تأكدنا من موقع الفندق على الخريطة وأقرب محطة باص و مترو نصل إليه ، بدأنا في الخروج إلى وسط المدينة في الأماكن التي يتجمع بها السياح عادة في ساحة ( ستيفن بلاتز ) وشارع ( ماريا هلفز ) ، ستندهش كون أن غالبية مبانى المدينة تاريخية حتى الفنادق والشركات الحديثة وستندهش أكثر لعدم وجود ازدحام مروري لأن غالبية سكان المدينة ينتقلون بالمترو والترام والباص .. لذلك قلة فقط تقود السيارة وهو ما أعطى المدينة هدوءاً محبباً وراحة نفسية كبيرة تجعلك تتمتع بسحر فيينا وساحاتها الواسعة وتتمنى البقاء فيها لمدة طويلة .

المباني
المباني التاريخية حجمها كبير جداً رغم أنها بنيت ربما منذ أكثر من مئتي عام

الترام
الترام إحدى الوسائل التي ستختصر عليك كثيراً في التنقل

المدينة
المدينة خالية من السيارات .. الكل يتنقل بالمترو والباص والترام

صورة
صورة رائعة برع هاني في التقاطها لمترو الأنفاق.. هل كانت رمية من غير رام يا صاحبي ؟

حرصنا كثيراً على زيارة المبانى التاريخية وبصراحة شدتني تلك القصور والمباني بشكل كبير وهي مشابهة كثيراً لما تشاهده في الأفلام السينمائية التاريخية ، شئ مبهر سيجعلك تطرح التساؤل ( كل هذا ونحن لا زلنا في فيينا ) وأقصد أن فيينا لم يعرف عنها حضارة أو مجد مثل بعض المدن الأوروبية , ورغم ذلك لديها كل هذه المباني والقصور والكنائس التاريخية التي بنيت بحرفنة شديدة رغم أن عمر بعضها قد يتجاوز مئات السنوات .
توجهنا عند منتصف اليوم إلى ساحة ( ستيفن بلاتز ) الشهيرة المليئة بالسياح والعرب منهم على وجه التحديد كما هي مليئة أيضاً بالمقاهي والمهرجين الذين سيفاجئونك بحسن آدائهم وخصوصاً " التماثيل " حيث ستشاهد من يقف بشكل تمثال الحرية لمدة ساعات دون أن يتحرك أو يغير من وقفته كل ذلك وهو يضع أمامه علبة صغيرة يضعها فيها السياح ماتجود به أنفسهم أو كما أسماها هاني " الطرارة الحديثة " ! ، لم يعجبني منهم سوى شخص قلد تمثال الحرية وبصراحة كنت أظنه تمثالاً أول ماوصلنا الساحة ، هاني تمكن من التقاط صورة له .

بالنظر
بالنظر إلى العلبة التي يضعها أمامه لجمع المال .. الأمر يستحق هذا العناء بالفعل

راقني منظر الغروب على نهر الدانوب الذي يشق العاصمة النمساوية " فيينا " بقينا هناك حتى غروب الشمس أي عند الساعة 8.30 مساءاً ، عدنا متعبين من عناء السفر ومن عناء الجولة بعدما تناولنا وجبة عشاء " بيتزا " من أحد المطاعم التركية .. ومن دون مجاملة كانت تلك الوجبة " الألذ " طوال سفرتنا – على الأقل بالنسبة لي – .
في اليوم الثاني استيقظنا صباحاً لزيارة قصر " الشونبرون " التاريخي الذي تصله بسهولة حتى ولو كنت في أقصى المدينة عن طريق مترو الأنفاق في وقت لن يتجاوز 10 دقائق وذلك لوجود محطة بالقرب من القصر تحمل اسمه ، القصر كحال القصور التاريخية رائع وتحيط به حديقة ضخمة وأعتقد أن " الشونبرون " هو أحد المحطات الرئيسية لكل من يزور فيينا وحسب معلوماتي المتواضعة أنه كان مقر السكن الخاص بإمبراطورة النمسا " ماريا تريزا "

كهذا
كهذا تكون القصور التاريخية وإلا فلا !

في الحديقة المحيطة بالقصر توجد لعبة المتاهة حيث تدخل سلسلة من الممرات المفتوحة حيناً والمغلقة حيناً آخر حتى تستطيع الوصول إلى طرف بوابة الخروج، حينما نجحنا في إدارك المهمة بسلام أنا وهاني وصعدنا إلى برج المساعدة الذي يتيح للزوار مساعدة من يكون داخل المتاهة وجدنا أحد السياح اليابانيين لازال داخل اللعبة ويطلب المساعدة لإخراجه ، غني عن القول بأننا لم نكن حريصين على إخراجه من المتاهة بسهولة لذلك كان ينظر إلينا باستغراب حينما نوجهه – قاصدين – بالخطأ ، السائح الياباني غالباً يحب أن يتمتع بسفره بشكل مبالغ فيه ، لذلك كان صاحبنا ( مسوي جو ) ، يطالب الموجودين في برج المساعدة بتوجيهه إلى الطريق الصحيح ويصيح رافعاً يده حينما يجد أن الممر مغلقاً .

لعبة
لعبة المتاهة في حديقة القصر .. تجربة جميلة

صاحبنا
صاحبنا الياباني يلوح لبقية السياح ( شوفوني تراني ضايع ) !

اكتشفنا لاحقاً أننا بحاجة إلى قطع مسافة لا بأس بها للوصول إلى طرف القصر من الجهة الأخرى .. قلت لهاني " مالذي يمنعنا من المشي .. درجة الحرارة 19 وروعة الطقس تسمح للمشي حتى ولو وصلنا إلى الرياض " ! ، واصلنا المهة وتجولنا في كل أنحاء الحديقة بما فيها القصر التاريخي .

بعد
بعد تجاوزك مبنى القصر ستدرك أنك مازلت في البداية !

القصر
القصر من الجهة الأخرى حين الوصول إلى أعلى مرتفع بالحديقة المحيطة

بعد ذلك خرجنا من القصر واتجهنا إلى محطة نهر الدانوب حيث كنا متشوقين لاستئجار قارب بحري لأخذ جولة بحرية وهو ما تيسر لنا بسهولة بعد استئجار زورق لا يحتاج إلى تجديف أو " تدريج " .. أصبحنا نقوده داخل النهر كما لو كنا نقود سيارة .. كانت لحظات جميلة ورائعة لا توصف ، رغم أن هناك العديد من السياح يتجولون بالقوارب داخل النهر إلا أنك ستنعم بالهدوء والراحة .. لا توجد أصوات عالية ولا إزعاج ، بكل تأكيد لأنه لا يوجد عرب بالقرب من النهر، عند منتصف اليوم عدنا إلى " سنتر " المدينة للتجول و " التسكع " وإكمال بقية اليوم .

نهر
نهر الدانوب .. وجولة نهرية رائعة

جانب
جانب آخر من نهر الدانوب

في اليوم الثالث توجهنا لملاهي " البراتر " كما قرأنا عنها في الانترنت ، بصراحة كانت مجرد ملاهٍ عادية لا تتضمن أي جديد ، لكن لا يمنع زيارتها والتجول في ممراتها من باب الفرجة خصوصاً وأن الجو كان حينها " خرافياً " حيث تشكلت السحب بهدوء في السماء وبرياح تميل إلى البرودة " المنعشة " وهو جو لا نعيشه في الرياض إلا مرة كل خمس سنوات !

للتوضيح
للتوضيح فقط هذه صورة حقيقية وليست لوحة فنية

اللعبة
اللعبة الأخطر .. الغيوم خلف اللعبة طبيعية 100 %

الألعاب
الألعاب لم يكن بها أي جديد

خرجنا من الملاهي واتجهنا إلى مرتفعات فيينا وهي جبال وقمم عالية تطل على العاصمة ، كانت هذه الرحلة من أحلى ماشاهدت ، كنا نسير داخل غابات كثيفة الأشجار دون وجود أي وسائل عصرية لا في الممرات أو في طرق الإنارة ، بالضبط كنا نسير كما لو كان الحال عليها قبل 200 سنة ، ممرات وأشجار وغابات " عذراء " ، عندما تزور هذه المرتفعات لا تترد في اقتحام الغابة كما ترددت أنا وأجبرني هاني على المواصلة " ، ربما لا أستطيع أن أصف حال في أسطر قليلة ولكن لعل الصور تفي بالمطلوب .

مدخل
مدخل الغابات يثيرك لاقتحامها أكثر

الممرات
الممرات طبيعية دون أي تدخل الآلات الحديثة

بعد تعمقنا لمدة تقارب 45 دقيقة مشياً داخل الغابة , وصلنا إلى ساحة فسيحة تضم مطعماً بدائياً وكأنه لم يكتشف بعد ، مصمم بطريقة الأكواخ الخشبية والكراسي العتيقة تتوزع خارجه بالقرب من الأشجار العملاقة ، حتى العاملات في المطعم يرتدين ملابس طويلة فضفاضة كما هو حال النساء اللاتي كنا نشاهدهن في مسلسلات الأطفال القديمة ( هايدي وفلونة ) ، لسوء الحظ كنا منهكين حينما وصلنا إلى المطعم ولم نصور أي لقطة .. اكتفينا بطلب علبتي ماء .
زاد من جمالية هذه المغامرة وفصولها المثيرة أننا وببساطة تامة " تهنا " نعم تهنا داخل ممرات هذه الغابة العملاقة بعدما مشينا مسافة تقارب الساعة ونحن نصعد في مرتفعات وجبال .. أي أنها كانت مرهقة جداً في المشي والحركة ووصل الأمر بنا إلى أننا كن نجلس بين الحين والآخر على الأرض لأن لياقتنا البدنية " نفذت " ، فيما كنا ننظر باندهاش إلى رجاء ونساء تجاوزوا سن الثمانين وهم يمشون بسلاسة داخل الغابة فيما أن وصاحبي لم نصل حتى للثلاثين من عمرنا بعد ورغم ذلك كنا نفضل الاستراحة كل بضع دقائق ، ( غني عن القول أن في آخر أيام الرحلة تضاعفت قوة لياقتنا البدنية من كثرة المشي فأصبحنا قادرين على المشي بل والجري لساعات طويلة ) .

كثرة
كثرة الممرات الصغيرة والمظلمة ستجعلك تتوه بسهولة

في
في الخارج أجريت مسابقة مع هاني للبحث عن تربة ( كل شي أخضر ) !

رغم سعادتنا الكبيرة حينما وصلنا إلى محطة الباصات في طرف الغابة إلا أننا في الحقيقة كنا في حزن لأننا سنفارق هذه الغابة والجبال الرائعة حيث سنتجه في صباح اليوم التالي إلى مدينة " سالسبيرغ " بعدما قمنا بشراء تذاكر القطار وحجز الفندق من خلال شبكة الانترنت .

إلى اللقاء في الجزء الثاني

أحمد
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى